
الراصد : ردا على الأستاذ لو غورمو
د.بتار ولد العربي
يبدو أن بعض من يعتقد نفسه مثقفا بمفهوم الاخذ من كل علم نصيبا قد إنزلق إنزلاقا لاتحمد عقباه، عندما اعتقدوا أن التاريخ يخضع لتلك القاعدة بشكل عشوائي، وأن بإمكان كل من هب ودب أن يدلو بدلوه في بئر جيوسيسيولوجي تحدد الأحداث والتغيرات الزمنية ملامح طبقاته، فجاء ليقدم هوية للحراطين حسب ما يعتقد في مرافعاته القانوية وحياكتها على مقص كل قضية يتنظر منها مآرب مادية أو سياسية كالأستاذ لوغورمو، ما جعلنا نبين له بعض الحقائق التاريخية المتعلقة بتاريخ موريتانيا بصفة عامة ومنبع لحراطين وجذورهم عساه يعود لرشده.
لقد غاب على القانوني والسياسي لوغورمو أن الصحراء الإفريقية وجنوبها وحتي غربها وصولا إلى نهر السنغال لم تكن يوما عربية في أصالتها، فهي أرض بربر، من قبائل لمطة، وتاركة، ومسوفة، وأرض زنوج من الأثيوبين أي لحراطين، والجنتول ، والفاروس، والبافور، ولم يظهر الحضور العربي فيها ٱلا مع الفترة الوسيطة، مع الحركة المرابطية، والهجرة الهلالية، والحسانية، وقد فات على صاحبنا أن البكري ذكر أن اوداغست كانت تعج بالعبيد وكان ملكاه زنجيا قبل ما يسميه البعض الفتوحات المرابطية ، وإن تقسيم المجتمع الموريتاني وإن كان قد خضع لسياسة هؤلاء بطريقة وظيفية، ووضع لحراطين في أسفل هرمها، فإن ذلك لا يعطيهم هوية جديده، ولا يجعلهم عربا، ولا من بني حسان، بل هم مكون مستقل له ثقافته المستنبطة من زنجيته في اغلبها والمكتسبة من تأثير التبعية في بعض جزئياتها وإن كان خضع فترة من الزمن لمجموعة وافدة تحكمت في أخضر البلاد ويابسها. ومن غير المنصف ان يفرض عليهم البقاء تحت رغية غدتها الصماء، وليس أكثر دليل على ذلك من ما يتعرضون له من تهميش وغبن.
إلا أن العالم تغير، ولم يعد يخفى على أحد كيف وحتى تم استغلاله من طرف أخيه، ولا حتى من أين أتى ولماذا، خاصة مع بناء الدول وإنشاء الداساتير وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وبصف أخص لم تعد الوصاية هدفا ولا التبعية مقبولة....
كامل الود والاحترام