نهب تحت الأرض وصمت فوقها. تازيازت : حين يستخرج الذهب وتبقي السموم

أحد, 14/12/2025 - 12:28

الراصد : خرجت شركة تازيازت إلى الرأي العام عبر مؤتمر صحفي حاولت من خلاله تجميل صورتها الملطخة منذ سنوات. لكن المساحيق لا تُصلح سمعة شركة لم يعد يُذكر اسمها إلا ويستحضر الموريتانيون معه: نهب الثروة، تدمير البيئة، والفتات الاجتماعي.

● أرقام تكشف الحقيقة

وفق تقرير مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية لسنة 2024، أعلنت الشركة أنها أنتجت:

  • 19.359 طن ذهب
  • 1650 كلغ فضة

وبلغت صادراتها:

  • 59.039.892.692 أوقية جديدة من الذهب
  • 592.949.42 أوقية جديدة من الفضة
  • بمجموع: 59.099.187.638 أوقية جديدة

ورغم هذا الجرف الهائل للثروة، لم تحصل موريتانيا سوى على 8.493.106.603 أوقية جديدة فقط من إيرادات الشركة… أي 14,37% من قيمة الصادرات، بينما تستأثر تازيازت وحدها بـ 85,37%.

ثم يحدثوننا عن عقود عادلة!

هذه الأرقام — وهي ما صرحت به الشركة فقط — لا تشمل المعادن غير المعلن عنها، ولا “الشوائب الثمينة” التي تصل نسب بعضها إلى 13% وفق تقارير محكمة الحسابات، ولا التكاليف المبالغ فيها، ولا غياب الشفافية في التدقيق المالي.

● تشغيل… أم تهريب وظائف؟

قطاع التعدين خارج التنقيب التقليدي لا يوفر سوى 1,26% من العمالة الوطنية.

أما تازيازت فتشغل:

  • 1735 عاملاً مباشراً
    • بينهم 54 أجنبياً رغم أن الاتفاقية لا تسمح بأكثر من 37.
  • وترفع العدد بطريقة التفافية عبر شركات أجنبية مثل Optorg التي تضم وحدها 100 أجنبي عديمي الخبرة، بينما يُقصى العمال الوطنيون أصحاب الكفاءة.
  • أما العمال غير المباشرين (عبر مقاولات) فيصل عددهم إلى 3283 عاملاً أغلبهم بلا عقود وبلا حماية اجتماعية أو صحية.

وهكذا تتحول المنطقة إلى مستعمرة عمالية تُستورد لها الأيدي الأجنبية من دون رقابة، بينما تُحرم الكفاءات الوطنية من فرصها الطبيعية.

● أين التنمية؟ أين العائد المحلي؟

من بين شركات التعدين، تأتي تازيازت في ذيل الترتيب من حيث الإنفاق الاجتماعي:

  • اسنيم: 0.8%
  • MCM: 0.34%
  • Tasiast: 0.12% فقط!

ومع أن الذهب يُستخرج من ولاية داخل البلاد، فإن الشركة لم تشيّد منشأة واحدة تخلّد وجودها أو تترك أثراً في حياة السكان المحليين. لا مستشفى، لا طريق، لا مشاريع منتجة… فقط مشاريع هامشية بميزانيات منتفخة وغياب كامل للشفافية.

● بيئة منهكة… وصمت رسمي

أما الجانب البيئي، فهو الجريمة المسكوت عنها:

  • نفايات سامة
  • تسربات في التربة
  • تلوث الهواء
  • غياب أي مشاريع بيئية حقيقية
  • عدم وجود مخصصات مالية واضحة لالتزامات الشركة البيئية

وتترتب على ذلك أمراض خبيثة تتزايد في مناطق التعدين، يدفع المواطن ثمنها من صحته، ويدفع النظام الصحي الوطني فاتورة علاجها.

وتستغل الشركة الطرق الوطنية لوجستياً دون أن تساهم في صيانتها، تاركة طريق نواذيبو–نواكشوط يتآكل تحت شاحناتها، بينما يتكفل دافع الضريبة بإصلاح ما أفسدته.

● غياب الشفافية… أم تغييب مقصود؟

  • تباين كبير بين ما تصرح الشركة بدفعه، وما تسجّله الخزينة.
  • أسماء المقاولين غير معلنة.
  • لا مناقصات واضحة.
  • إنفاق ضخم يتجاوز 65% نحو مقاولات أجنبية.
  • الموردون المحليون مجرّد واجهات بلا أثر.

● خلاصة: نهب مُمنهج لا تنفع معه المؤتمرات

لقد حصلت تازيازت خلال سنوات على جبال من الذهب الجيد، وتركت لموريتانيا:

  • فتاتاً اقتصادياً
  • تلوثاً بيئياً
  • مخاطر صحية متفاقمة
  • تهميشاً للعمالة الوطنية
  • وانعدام أثر تنموي يذكر

ورغم ذلك تقف الشركة اليوم أمام الموريتانيين بوجه خجول، تتحدث عن “التعاون” و”المسؤولية الاجتماعية”، وكأن الذاكرة الجماعية قصيرة، وكأن الموريتانيين لا يرون ما يجري في الصحراء من نهب متواصل

إن كانت تازيازت تبحث عن تحسين صورتها، فلتبدأ أولاً باحترام هذا الشعب، وإعادة جزء يسير من حقه، والاعتراف بدورها في تدمير البيئة وامتصاص ثروات البلد دون مردودية عادلة.