
الراصد: انطلقت صباح اليوم السبت في العاصمة نواكشوط مسابقة وطنية لاكتتاب 1300 مقدم خدمة تعليم لصالح الولايات الداخلية، وسط إقبال غير مسبوق لمحو الأمية والوظيفة، حيث تجاوز عدد المترشحين 10 آلاف شخص يتنافسون على 1300 مقعد فقط.
توزع المتقدمون على 31 مركز امتحان في ولايات نواكشوط الثلاث، وجاءت هذه المسابقة بعد إعلانات متكررة من قطاعات حكومية عديدة عن مشاريع وبرامج لتشغيل الشباب والعاطلين عن العمل.
أسباب تفاقم ظاهرة البطالة رغم مشاريع التشغيل
يعكس الرقم الكبير لمقدمي الطلبات على هذه المسابقة حجم مشكلة البطالة وتزايد أعداد العاطلين عن العمل، بالرغم من الحملات الحكومية المتكررة التي تعلن عن مشاريع لتشغيل الشباب. في هذا السياق، يمكن الحديث عن عدة أسباب:
- فشل السياسات الحكومية للتشغيل: رغم الإعلانات المتكررة، فإن غياب التفعيل الفعلي الأمثل لهذه المشاريع، وضعف التنسيق بين القطاعات المختلفة، وغياب الرؤية الاقتصادية الواضحة يؤدي إلى قصور في خلق فرص عمل حقيقية ومستدامة. كما أن قطاع التعليم يظل الخيار الأكثر استقراراً في نظر الكثير من الشباب الباحثين عن عمل، نظراً لمكانته وقلة المخاطر التي قد تصاحب وظائف أخرى.
- الركود الاقتصادي والتحديات البنيوية: الاعتماد الكبير على وظائف القطاع العام، مع ضعف القطاع الخاص وقلة الاستثمارات، يجعل السوق مفتقداً لفرص العمل المتنوعة، ما يدفع الجميع للترشح في قطاعات محددة كالقطاع التعليمي.
- رغبة العاطلين عن العمل في الدخول إلى التعليم: الوظيفة التعليمية تُعتبر ملاذاً آمناً لكثير من الشباب، لما توفره من استقرار وظروف عمل مقبولة مقارنة بوظائف القطاع الخاص أو الأعمال الحرة التي قد تكون محفوفة بالمخاطر.
قراءة في ظاهرة ارتفاع أعداد المترشحين بالنسبة لعدد المقاعد
يمثل هذا التفاوت الكبير بين عدد المترشحين والمقاعد المتاحة ظاهرة تستحق التحليل، حيث تتجاوز أعداد المتقدمين أحياناً ما يقارب عشرة أضعاف العدد المطلوب. وهو ما يعكس عدة أبعاد:
- تزايد الإقبال بالرغم من المنافسة الصعبة: يعكس ذلك معاناة سوق العمل وصعوبة الحصول على فرصة وظيفية، مما يدفع الشباب إلى المحاولة بطرق متعددة، حتى وإن كانت فرصتهم ضئيلة.
- قلة بدائل التشغيل: نقص الوظائف في القطاعات الأخرى يجعل قطاع التعليم خياراً وحيداً لمن يبحث عن أمن وظيفي.
- التأثير النفسي والثقافي: هناك شكّلاً من أشكال الضغط المجتمعي والحلم بتحقيق وضع مادي واجتماعي أفضل، ما يزيد من إقبال الشباب على هذه المسابقات.
آراء مؤيدي ومعارضي النظام حول أزمة التشغيل
- أنصار النظام: يرون أن الحكومة تحاول جاهدة توفير فرص العمل من خلال هذه المسابقات ومشاريع التشغيل، وأن التحدي يكمن في حجم الطلب المتزايد وصعوبة السيطرة عليه. وأكدوا أن نوعية الفرص التي توفرها القطاعات العامة في التعليم والصحة تمثل حلقة مهمة في مكافحة البطالة، مشيرين إلى أهمية استمرار هذه المسابقات مع تحسين شروط الانتقاء والتكوين.
- المعارضون: ينتقدون فشل الحكومة في تنويع مصادر فرص العمل والاعتماد الكبير على التوظيف في القطاع العام، وهو ما يعتبرونه ركيزة هشة يمكن أن تؤدي إلى تزايد البطالة المقنعة وزيادة الضغط على ميزانية الدولة. كما يرون أن المشاريع الحكومية لا تجد تطبيقاً حقيقياً على الأرض، وتفتقر إلى الشفافية والجدية، مما يجعل المواطنين يفقدون الثقة في نزاهة هذه المسابقات وبرامج التشغيل.
في ظل ارتفاع نسبة البطالة وتزايد النسبة الكبيرة للمتقدمين على المقاعد القليلة المعدودة، تتجه الأنظار إلى ضرورة مراجعة سياسات التشغيل الحكومية، والاقتصاد الوطني للرفع من معدلات التشغيل وتوفير فرص حقيقية ومتنوعة للشباب. كما ينبغي تعزيز دور القطاع الخاص في خلق فرص عمل مستدامة، وتقليل الاعتماد على القطاع العام كأساس للتوظيف. وبينما يبقى قطاع التعليم خياراً آمناً للكثيرين، يبقى الطموح بأن تتوسع آفاق التشغيل لتشمل مختلف القطاعات الاقتصادية للحد من الأعباء الاجتماعية والاقتصادية لهذه الظاهرة.