الثورة العظيمة و الشرارة الممهدة لها…

اثنين, 13/05/2024 - 23:39

الراصد : من أهم الظواهر في الثورات العظيمة التي غيرت وجه التاريخ البشري تلك الشرارة الفكرية الممهِّدة للثورة، والمصاحبة لها في مسارها. فلا تكون ثورةٌ ذاتُ شأن من غير شرارة فكرية تشعلها في البداية، ثم تكون دليلَها في مسارها، وأفقَها إلى المستقبل.
كانت أفكار الفيلسوف السياسي الإنكليزي جون لوك (1632-1704) هي الشرارة الفكرية للثورة الإنكليزية عام 1688. وحينما قرر لوك أن يقتحم أرضية جديدة في القيم السياسية، وأن يقدِّم لبني وطنه مسارا لخروج من أزمتهم السياسية التي أنتجت حربا أهلية طاحنة لأكثر من أربعة عقود (1642-1688) بدأ عمله بتجريد الاستبداد من الشرعية الدينية والتاريخية، ثم صاغ القيم السياسية التي تحقق العدل والحرية.

"
من غير خميرة فكرية وأخلاقية ناضجة لا تنجح الثورة أصلا، بل تتحول إلى حرب عدمية، وإن هي نجحت في معركة الهدم، فإنها تفشل في معركة البناء
"
جعل لوك الرسالة الأولى من رسالتيه العظيمتين بعنوان: "في بعض المبادئ الفاسدة في الحكم" فرد فيها رداًّ مُفحما على معاصره روبرت فيلمر (1589-1653) في قوله بنظرية التفويض الإلهي، التي تجعل شرعية الملوك مستمدة من الخالق لا من الخلق.

محمد المختار الشنقيطي