فيروس كورونا (covid-19) الدروس والعبر المستخلصة \ ذ. سمت بلال

ثلاثاء, 24/03/2020 - 07:24

الراصد : مما لاشك فيه أن جائحة كورونا تشكل أهم حدث عرفته البشرية خلال الألفية الثالثة وستترك بصماتها على العالم تماما كما فعلت أحداث اخري مشابهة مثل الحرب العالمية الثانية وانهيار حائط برلين ، حيث كان لكل حدث من تلك الأحداث ، دور في إعادة تشكل وترتيب النظام العالمي .

كانت البداية مع نهاية الحرب العالمية الثانية عندما أسست الدول المنتصرة في الحرب ترتيبا للنظام العالمي القائم على الثنائية القطبية وهيمنة الخمسة الأعضاء فى مجلس الأمن وبروز معسكر الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والشرق بقيادة للاتحاد السوفييتي وحصول دول العالم الثالث على الإستقلال وهو الوضع الذي ساد العالم الي أواخر الثمانينات و انهيار حائط برلين ثم تفكك الاتحاد السوفييتي ، لتتفرد الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة العالم وتهب رياح الديمقراطية في أفريقيا بعد خطاب الرئيس الفرنسي المعروف بخطاب( لابول ) كما غيرت الولايات المتحدة الأمريكية من تحالفها مع الحركات الجهادية والإسلام السياسي ، معتبرة من تلك الكيانات العدو المستقبلي لأمريكا والعالم بعدما استخدمتها في الحرب الأفغانية الروسية.

واليوم تأتي جائحة فيروس كورونا لتعيد النظر في منظومة القيم والمفاهيم السائدة التي تسوق للحمائية وسيادة الدولة الوطنية ،فاسحة المجال لمفاهيم اخري أكثر كونية ، ذلك لأن فيروس كورونا الذي ظهر في سوق للسمك في مدينة يوهن الصينية فرض نفسه بقوة على أجندة الحكومات في العالم ، بل أعاد ترتيب أولوياتها مما يعني أنه من الآن فصاعدا أصبح العالم يعيش ارتدادات التفاعل الانساني في أي بقعة من القرية الكونية الصغيرة وأن البشرية مرغمة علي تقاسم التأثيرات الناتجة عن ذلك سلبية كانت او ايجابية . ظهر فيروس كورونا في الصين مصنع العالم وثاني أقوي اقتصاد ، يقول المثل ( عندما تعطس، الصين يصاب العالم بالزكام) لكن العملاق الأصفر لم يستسلم أمام هول الجائحة التي قوامها بشراسة من خلال فعالية التدابير المتخذة ، فحقق بذلك السبق، نصرا على غريمه الأبيض (امريكا) القوة التي لا تقهر، حسب رئيسها – ترمب ، لكن يبدو أن بلاد العم سام لم تصحوا بعد من صدمة الفيروس لا بل لم تتمكن حتي للحظة من كبح الانتشار المخيف له ، لقد أصبحت أمريكا تحتل المرتبة الثالثة بعد إيطاليا واحد وأربعون ألف 41000 هي عدد الإصابات تستحوذ مدينة نيويورك على نصيب الأسد منها فى ما تسعي الصين إلى نقل تجاربها فى مجال مكافحة الوباء إلى دول العالم المتضررة ، مغتنمة تلك الفرصة لتحجز لنفسها موقعا متقدما بأهلها لتلعب دورا أهم في سياقة نظام عالمي جديد.