
الراصد : يشهد التعليم العالي في موريتانيا مرحلة حرجة نتيجة تزايد أعداد الطلاب في الجامعات وافتتاح جامعات وكليات جديدة مع إعادة هيكلة بعض مؤسسات التعليم العالي مما شكل ضغوطا كبيرة على الجامعات ومختلف مؤسسات التعليم العالي.
في المقابل تعاني الجامعات من نقص حاد في الأساتذة الرسميين حيث تم تعيين أغلبهم وإعفائهم من التدريس كليا أو جزئيا؛ وإعارة مجموعة من الأساتذة لبعض المؤسسات الأخرى والوزارات حتى أصبحت مناصبهم في الجامعة شاغرة ولم تتخذ الجامعة أي إجراء في هذا الوضعيات لسد هذا الفراغ.
أما بقية الأساتذة الرسميون – الذين يتولون التدريس الميداني في المدرجات والقاعات - فقد أشرفوا على التقاعد ولم يعد بمقدورهم تغطية جميع مهام التدريس، وهو ما يزيد من الضغوط على هيئة التدريس المتاحة والمباشرة للعمل؛ مما يستلزم اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان استمرارية العملية الأكاديمية وجودة التكوين الجامعي؛ ومن أهم هذه الإجراءات وأنجعها لحل هذه الأزمة الأكاديمية اكتتاب الدكاترة المتعاونين مع مؤسسات التعليم العالي لتغطية النقص الحاد في أعضاء هيئة التدريس وضمان سير العملية التعليمية بكفاءة؛ ورغم هذا الواقع لم تنظم وزارة التعليم العالي أي اكتتاب جديد ولم تعلن عنه مع أن أغلب مؤسسات التعليم العالي ( كليات؛ معاهد عليا؛ جامعات جديدة في مختلف ولايات الوطن) عبرت عن حاجتها وبلغت الجهات المعنية ما تحتاجه من الأساتذة والتخصصات التي يتعين أن تكتتب منها أعداد معتبرة نظرا لحاجة الجامعة لها ووجود دكاترة يحملون شهادات في نفس التخصصات المطلوبة لتغطية النقص الحالي.
إن تزايد الجامعات وافتتاح كليات جديدة مع إعادة هيكلة بعض مؤسسات التعليم العالي وتزايد أعداد الطلاب في ظل النقص الحاد للأساتذة الرسميين يجعل من الاكتتاب العاجل والشامل للدكاترة المتعاونين أمرا استراتيجيا وطنيا ليس فقط لسد النقص الحاد وتغطية ساعات التدريس، بل لضمان جودة التعليم العالي واستمرارية البحث العلمي، وتمكين الجامعات من أداء رسالتها التعليمية والتكوينية على أكمل وجه؛ خصوصا في ظل الضغوط الناتجة عن انتشار أعداد الطلاب في الجامعات وتقاعد أعداد معتبرة من الأساتذة الرسميين في الجامعة؛ وإعارة بعض الأساتذة لبعض المؤسسات الأخرى وعجزهم عن مواصلة التدريس في الجامعة.
هكذا يتضح من واقع مؤسسات التعليم العالي وما تعانيه الجامعات والمعاهد العليا من أزمات أكاديمية لا يمكن التغلب عليه إلا من خلال إنصاف الدكاترة المتعاونين ودمجهم في سلك التعليم العالي ضمانا لتوفير طواقم أكاديمية مستقرة ومؤهلة، تعزز جودة التعليم العالي وتدعم البحث العلمي، وتمنح الطلاب التكوين الذي يحتاجونه فعليا؛ ومما لا شك فيه أن دمج الدكاترة المتعاونين ليس مجرد حل مؤقت، بل يشكل ركيزة أساسية لضمان جودة التكوين واستمرارية البحث العلمي، فضلا عن كونه يمنح الجامعات القدرة على أداء رسالتها التعليمية بكفاءة؛ خاصة أن الدكاترة المتعاونين يتحملون ما يقارب % 70 من العبء التدريسي في الجامعة مقابل تعويضات زهيدة ورمزية لا تأتي إلا بشكل متأخر رغم قلتها وطول إجراءاتها التي قد تمضي عليها الشهور وتغيب أشهرا دون أن يستفيد الدكتور المتعاون من أي هذه المستحقات؛ هذا مع كونها لا تتناسب مع ما يقوم به الدكاترة المتعاونون من مهام التدريس الصعبة في الجامعة.
ففي ه ذا السياق ومع افتتاح العام الدراسي الحالي: 2025-2026 ، تتضح أكثر من أي وقت مضى الحاجة الملحّة إلى الدكاترة المتعاونين ضمانا لاستمرار العملية التعليمية في الجامعات وغيرها من مؤسسات التعليم العالي؛ مما يؤكد أن الاكتتاب السريع والشامل للدكاترة المتعاونين أمرا استراتيجيا وطنيا، ولا بديل عنه في ضمان جودة التعليم واستمرارية البحث العلمي، وتمكين الجامعات من أداء رسالتها التكوينية على الوجه المطلوب.
هذا الواقع يجعل الوقت الحالي هو الأنسب والأمثل لتنظيم اكتتاب عاجل وشامل للدكاترة المتعاونين مع مؤسسات التعليم العالي، خاصة أن هذا عددهم قليل نسبيا، والجامعات في حاجة ماسة إليهم لضمان سير العملية التعليمية ونجاح العام الجامعي.
الدكتور: محمد عبد الرحمن أحمدو أبو
الأمين العام لجمعية الدكاترة المتعاونين مع مؤسسات التعليم العالي