عن مقابلة النائب بيرام الداه اعبيد...حول أحداث الساعة في البلاد..

سبت, 02/12/2023 - 11:48

الراصد : كتب الصحفي و الإعلامي و المدون (سيداحمد ابنيجارة) حول مقابلة النائب بيرام الداه اعبيد الأخيرة :

النائب بيرام الداه أعبيد، صديق شخصي، ولكنني أختلف معه في الكثير من وجهات النظر، خاصة تلك التي تكتسي طابعا انفصاليا أو عنصريا..
سوف أترككم الآن مع مقتطفات من مقابلة معه، و هي تعكس وجهة نظره في أحداث الساعة .. و (لكلام أحلى من فم صاحبو )
.......

نشرت مجلة شمس المعارف مقابلة مع النائب و الرئيس بيرام الداه اعبيد باللغة الفرنسية و هذه ترجمة لبعض الأسئلة و أجوبتها :
في مقابلة له، يعطينا النائب بيرام الداه اعبيد، رئيس منظمة إيرا، قراءته للساحة السياسية الوطنية. ويتحدث عن رئاسيات 2024، وعن علاقات حزب الرك والصواب والقوى التقدمية من أجل التغيير، وعن الحوار الذي أطلقه تكتل القوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم، كما يتناول الأحداث الدولية، خاصة فلسطين.
................
1-شمس المعارف: السيد النائب، عدتم مؤخرا من جولة قادتكم إلى خارج البلاد. ما هو هدفها؟
بيرام الداه اعبيد: جاءت زيارتي إلى أوربا (فرنسا، بلجيكا، سويسرا) لرسم ثلاثة أهداف: الأول، إعادة التواصل وتنظيم فروعنا في أوربا والشتات الموريتاني، من أجل المعارك الحالية والقادمة في مجالات حقوق الانسان ومشروع التناوب. والثاني، تقييم الوضع مع شركاء إيرا من الأوربيين والهيئات الأممية حول حالة البلاد منذ أن تبرّأ الرئيس غزواني من خط انفتاحه على الطيف السياسي، فيما تَكرَّس الهدف الثالث للفحوصات المتعلقة بصحتي.
شمس المعارف: كيف تقرأون الساحة السياسية الوطنية، ستة أشهر بعد انتخابات 13 مايو 2023؟
بيرام الداه اعبيد: تظل الساحة والفاعلون فيها نتاج خط فصل قائم على العرق والطبقية، يقف وراءه النظام القائم المنحدر، كسابقيه، من نفس القطب المهيمن والمتسم بأحادية اللغة والرغبة في السلطة المطلقة اللاّمحدودة. وتتجسد هذه الخطوط التمييزية والتشظي الدائم في الرفض البات، من قبل النظام وقوانينه، لترخيص نشاطات القوى المنبثقة من الأوساط ذات الأغلبية. يجب، من الآن فصاعدا، أن نعتبر أن مضايقات السكان الأصليين، المنحدرين من أصول جنوب-صحراوية، أصبحت مبتغى الدولة وجزءا من تمفصلاتها الرجعية التي تستقي منها شرعيتها. تتعرض هذه المجموعات (ضحية الحكامة التهميشية المنفلتة من العقوبة منذ عدة عقود) لتحريم إنشاء أحزاب سياسية جديدة وفقا لمبدأ المساواة. من بداية القرن الحالي حتى أيامنا هذه، لا يتغير الوضع القائم: لقد ألغي، تباعا، كل من حزب العمل من أجل التغيير وحزب المعاهدة من أجل التغيير، ومن سنة 2013 إلى سنة 2014، يضرب إجراء الإلغاء حزب إعادة التأسيس من أجل عمل شامل (الرك) وحزب القوى التقدمية من أجل التغيير. كما أن منظمات "لا تلمس جنسيتي"، ومنظمة ترقية وترسيم اللغات الوطنية، وروابط الناجين من موجات الإبادة العرقية، والأرامل واليتامى، ممنوعة من الاعتراف بفعل القانون و/ أو بفعل الواقع، شيئا ما مثل حال منظمة إيرا المرخصة شفاهيا والممنوعة من كل أشغال مُحاورها الرسمي: مفوضية حقوق الانسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني.
تستهدف الأعمال العدائية الصادرة من السلطة كل كتلة خاصة لا تخضع لحدود الخطاب والفكر والإشارات التي تفرضها السلطة على الفاعلين في المجتمع المدني. هنا تؤدي حالات الانشقاق عن صف النظام، واستخدام حق حرية التعبير، والإبلاغ عن التجاوزات، إلى سلسلة من الإجراءات الانتقامية من قبل السلطات. أكثرها فورية يتمثل في إقصاء الروابط من الاستفادة من التمويلات الأجنبية مثل التمويلات الفرنسية الموجهة لموريتانيا. إذن فإن حالة الأوضاع، بعيد الاقتراعات العامة، تتلخص في لوحة تعبر عن نظام لابارتايد السياسي الممارَس لصالح طائفة من مواطني الدرجة الأولى على حساب الإنسانية، أي على حساب العدد والبؤس الذي تغلي فيه ثورة المنبوذين وطائفة المواطنين الثانويين. الحراطين، الذين يمثلون حسب البنك الدولي وهيئات مستقلة أخرى، أكثر أو أقل بقليل من نصف السكان، لهم الحق في 10 مقاعد برلمانية في جمعية وطنية يبلغ عددها 176 مقعدا. ولم تتمكن تجمعات السكان الأصليين المنحدرين من جنوب الصحراء، حتى الناطقين منها بالدارجة العربية الموريتانية (الحسانية)، من الاستفادة من تعامل على قدر تدجينهم العقلي المنجز تحت رعاية روحية. إن الابارتايد العربية الإسلامية تمنع هؤلاء الموريتانيين من الأوراق الثبوتية، وبالتالي من التصويت، وذلك بغية إعادة إنتاج أغلبية مصطنعة في صناديق الاقتراع وإدامة الهيمنة والاستفادة من ثمرتها. إن اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، التي يعرّضها ماضي رئيسها لشبهة الضلوع في جرائم إبادة، ليست إلا خلية وكلاء وأذرع لوزير الداخلية، بالإضافة إلى المنضوين فيها من التشكيلات السياسية المختارة حسب المعيار الثلاثي القائم على العجز والتمالؤ والولاء. لقد وضع الانقلابيون القدامى، مغتصبو ومختطفو المؤسسات المدنية، ميكانيزمية خادعة للديمقراطية: أحزابا تابعة ومجموعات منحازة. وبحكم الواقع، فإن طائفة واحدة تملك القدرة الفعلية على إبعاد المنافسين الحقيقيين وشراء الناخبين والسيطرة على العدالة. فليس من المستغرب أن تفوز هذه الطائفة في الانتخابات حتى وإن تعارض فوزها مع الحسابات الرياضية وأسس المنطق. بفضل هذا المنحى، إضافة إلى الانقلابات الانتخابية، مثل رئاسيات 2019، ستواصل أغلبية الشعب معاناتها إلى حين انفجار ثورة عنيفة على شكل الأحداث المؤلمة التي وقعت في الزنجبار أواسط الستينات؛ فالكتلة العرقية المهيمنة يبدو أنها اختارت الإنتحار الجماعي عند بلوغ نظامها أوج تآكله البيني و انفصاله عن الأغلبية الهامشية.