حتى يفوت الأوان

سبت, 19/01/2019 - 18:06

خلال الحفل الختامي للحوار الشامل، في عام 2016، بين أحزاب الأغلبية وبعض المعارضة، أعلن ولد عبد العزيز، في خطاب صفق له الحضور تصفيقا حارا، أنه لا مجال للمساس بمواد الدستور التي تحد عدد المأموريات الرئاسية، وأن الذين طلبوا ذلك كانوا أعداء للأمة التي يسعون إلى دمارها. وقد كرر عدة مرات لهيئات إعلامية أجنبية أنه سيحترم الدستور ولن يترشح لمأمورية ثالثة. وكان البلد كله، سواء أنصار الجنرال أو منتقدوه، قد تنفس الصعداء.

أخيرا سيرحل هذا الشخص الذي أخضع البلاد لقبضته الحديدية، وينقل السلطة إلى أي شخص آخر. لا يهم ما هو سيتنحى. ومع ذلك، ورغم القفل الدستوري وهذه التصريحات بالنوايا الحسنة، لا يزال هناك الكثير من الناس مقتنعين بأن ولد عبد العزيز لن يسلم السلطة أبدا بطيب خاطره، وسوف يعمل كل ما في وسعه للبقاء فيها أطول فترة ممكنة.

وللأسف، فإن الأحداث تثبت الآن أنهم على حق. وبالفعل، يتعبأ أعضاء دائرته المقربة ونواب الاتحاد من أجل الجمهورية، منذ بضعة أيام، للحصول على أكبر عدد من توقيعات البرلمانيين من أجل تعديلات دستورية تغير المواد التي تحد عدد مأموريات رئيس الجمهورية في اثنتين.

إن المبادرة التي قد يكون ولد عبد العزيز “أجنبيا” عليها (!) قد جمعت بالفعل حوالي سبعين توقيعا ولكنها تواجه، بشكل مواز معارضة قوية من مختلف نواب الأغلبية. تنتشر الشائعات والشائعات المضادة. وبسبب عدم التمكن من الحصول على أصوات ثلثي النواب والتهديد بتفكيك معسكر الرئيس، يقال إن المبادرة قد تم التخلي عنها. لا وكلا! ، تجيب مصادر أخرى، إنها تواصل طريقها بنجاح ويزداد مؤيدوها باستمرار.

من الصعب، في مثل هذه الظروف، التمييز بين الحق والباطل. والمؤكد، على أي حال، هو أن البلاد توجد في منعطف، حيث يقودها الآن نواب غير مسؤولين نحو مستقبل خطير. نادراً ما تم تمثل هذا الشجب لمبادرة والتشهير بأصحابها على شبكات التواصل الاجتماعي. وكأن الموريتانيين قد أطلقوا هذه المرة الشعار بأنهم لن يسمحوا بالتلاعب بهم ولم يعودوا يقبلون حرمانهم من أملهم الأخير في تطبيع أوضاع هذا البلد، من خلال التناوب السلمي على السلطة. سيبلغ الإحباط والمرارة أعلى مستواهما إذا ما أبقى هذا النظام المقيت نفسه في السلطة لسنوات طوال أخرى.

إذا ما نجحت مبادرة النواب المذكورين فهل تكون القشة التي تقصم ظهر البعير ؟ سوف تترك، على أي حال وبالتأكيد، آثارا. عندما حاول الرئيس عبد الله واد في عام 2011 تعديل الدستور السنغالي، واجه معارضة حازمة.

وفي مقدمة الموكب، أوثق قادتها أنفسهم في بوابات الجمعية، وواجه مناضلوها قوات الأمن بشجاعة عظيمة. عادت التعديلات بخفي حنين، وأعلن واد سحبها في نفس المساء. لكن أين نحن ومعارضتنا؟ هل ستواصل الاكتفاء ببيانات الشجب…

إلى أن يفوت الأوان؟