
الراصد : بسم الله الرحمن الرحيم " والصلاة علي النبي الكريم ' وبعد: فإلى أعضاء المجلس الأعلى المنعقد اليوم ٢٩ ١٢ ٢٠٢٥ أتوجه بالتحية ' وأتقدم بطلبات ملحة ليتواءم قضاؤنا مع بئتنا وثقافتنا الإسلامية ' ومرجعيتنا الإسلامية التى نص عليها الدستور ' وهذه الطلبات هى كالتالى :
أولا: يجب تنقية القانون التجارى من المواد التي تبيح ربا الجاهلية ' أنظرني وأزيدك ' وعلي رأسها المادة ١٦ من مدونة التجارة التي تقول : وفي حالة تأخر في الدفع فإن المبالغ التي تبقي الشركة تطالب بها تنتج بقوة القانون مبالغ مستحقة عرفا بنسبة متوسط السحب علي المكشوف المصرفي ابتداء من اليوم الذي كان يجب فيه القيام بالدفع دون إخلال بالتعويضات عند الاقتضاء . وكذلك مافي قانون تحصيل الديون البنكية والمصرفية من المواد التي تبيح أخذ الفوائد الربوية التي تعاني المحاكم التجارية من الحكم بها وخاصة بين المؤسسات ' وهو مخالف للنصوص القطعية كما لايخفي.
ثانيا : يجب سن منظومة إجراءات غير هذه المنظومة الاجرائية التي لا تفصل بين الظالم والمظلوم ' وتستمر القضايا في طور مراحل التقاضي إلي عشرات السنوات أحيانا ' والأمثلة كثيرة يعرفها كل من له إلمام بالقضاء ' والعصر اليوم عصر سرعة لم يعد يقبل مثل هذاالنظام الاجرائي الموجود لدينا ' الذى لايلائم بيئتنا ولاينطلق من شرعنا ' ويؤدي إلي مفاسد كثيرة منها:حرمان صاحب الحق من الانتفاع بحقه . ومنها إقرار غير المستحق على الانتفاع بشيء ليس له، وهو ظلم واضح . ومنها : إعطاء الفرصة للنزاعات الكيدية 'وتمكين الظلمة من التشفي والانتقام من المظلومين عن طريق استغلال الآجال القانونية للاستئناف نصف شهر ' والتعقيب شهران 'وطرح المذكرات شهران ' واستغلال مراحل التقاضي التي لاتنتهي في التشفي من الخصم وحرمانه من حقوقه ' وفتح الباب لبعض المحامين الذين يستغلون زبناءهم وخصومهم باللعب علي الوقت' واستغلال الثغرات القانونية من أجل إطالة أمد النزاع' حتي يحلب المحامي موكله فيكسب المحامي بذلك مزيدا من النقود من موكله ' ويعذب خصمه حتي يحلب زميله الاخر الطرف الآخر ' وفي هذ اأكل لأموال الناس بالباطل . روى ابن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله، ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع..."وفي رواية عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أعان على خصومة بظلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع".
أخرجه أبو داود (3597، 3598) مفرقاً، وأحمد (5544) باختلاف يسير مطولاً.
وفيه استمرار للمنازعة والخصام المنهي عنه بنص الآية: ( وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ) (الأنفال:46)..
وهذاالمنهج مخالف لمنهج النبي عليه الصلاة والسلام '
ففي الاحاديث الصحيحة أنه : كان يقضي بين الخصوم في مجلس واحد، ولم يكن يرجئهم إلى وقت آخر ' فمن ذلك قضاؤه بين الزبير والأنصاري في ماء شراج الحرة . كما قضى بين كعب بن مالك وعبد الله بن أبي حدرد بالصلح بينهما بالنصف في دين لكعب على ابن أبي حدرد ' وقصة الانصار الذين تنازعوا في الميراث وليس لأي منهم بينه فقسمه بينهم بالتساوي .
وقضاؤه بين الرجلين الذي ادعي أحدهما مالا علي صاحبه فقال : شاهداك أو يمينه . فهذا قضاء حاسم وحكم واضح يحل به النزاع ' فالمقصد الشرعي من وجود القضاء هو رفع الخلاف ' قال خليل : ورفع الخلاف لا أحل حراما ' وليس المراد منه ماهو موجود عندنا من تعذيب الناس وإرغامهم علي التنازل عن حقوقهم خوفا من طول الإجراءات وأتعاب التقاضي ' فكثيرا مايتنازل الناس عن حقوقهم لذلك السبب ' لأنهم وببساطة غير مستعدين لسنوات من العذاب يقضونها في انتظار الحسم . وقد تسبب هذاالنظام في تعطيل كثير من الأراضي الزراعية' لأن القضاة يقومون بتوقيف أي أرض يتم فيها النزاع ريث مايتم البت فيها ' الذي لايتم الا بعد سنوات كثيرة' وغالبا ما يتم استغلال مسألة التوقيف هذه من طرف محامي الطرف الظالم غالبا ' حيث يماطل في الآجال القانونية فيستأنف في ءاخر يوم من الاجل ' ويعقب في ءاخر يوم ' ويطرح مذكرة في ءاخر يوم ' ويماطل في الحضور واستلام الاستدعاءات' وهكذا يتم استغلال المنظومة الاجراءية تشفيا وانتقاما من خصمه ' ومثل هذا قضايا الأسرة ونزاعاتها ' حيث تذهب امرأة ضعيفة مستنجدة بالقضاء لياخذلها حقها وحق أبنائها من مطلقها 'فيستغل الوقت في إبطال حقها بنفس الاساليب السابقة ' حتي يبلغ الأطفال والملف مازال يراوح مكانه ' وهكذا في قضايا الطلاق حيث
ثالثا : مسألة القصر ' حيث يعتمد القانون علي علامة واحدةللبلوغ ليست محل إجماع 'وهي سن ١٨ ' وألغي العلامات التي ورد فيها نص أو مجمع عليها مثل: الحمل والحيض والاحتلام .
قال ابنُ المنذر: (أجمَعوا على أنَّ المرأة إذا حاضت وجبتْ عليها الفرائض). ((الإجماع)) (ص: 42).
وقال ابنُ قُدامة: (أمَّا الحيض فهو عَلَمٌ على البلوغ، لا نعلم فيه خلافًا). ((المغني)) (4/346).
وقال ابن قدامة في المغني أثناء الحديث عن علامات البلوغ: فأولها: خروج المني من قُبُلِه، وهو الماء الدافق الذي يخلق منه الولد، فكيفما خرج في يقظة، أو منام، بجماع، أو احتلام، أو غير ذلك، حصل به البلوغ، لا نعلم في ذلك اختلافًا؛ لقول الله تعالى: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا} [النور:59] .
وقد ترتبت علي هذا كوارث أهمهما هو: إعطاء الضوء الأخضر للفاسدين من المراهقين الجدعان ' حيث أعطي لهم الضوء الأخضر ليرتكبوا ماشاءوا ' لأنهم سيصنفون أطفالا متنازعين مع القانون ' ويذهب بهم إلي مراكز الاحتضان ويعاقبون بعقوبات بسيطة .
رابعا : من القضايا المطلوبة الملحة الواجب الاسراع بها تقدير قيمة الدية الشرعية بطريقة مختلفة عن التقدير ٢٥٠ ' فلاهو دية لأهل البدو مائة من الإبل مخمسة ' ولاهو دية أهل الحضر ١٠٠٠دينار . وقد تم تحديدقيمتها في بداية الثمانينات بمبلغ ٩٠٠ألف أوقية ' ولكن الدولار ءانذاك يساوي ٤٠أوقية ' ثم تم رفعها إلي مليون ومائتين ' ثم إلي مليونين وخمسمائة ' والدولار الان يساوي قرابة أربعمائة أوقية ' فكيف نعتمد هذاالمبلغ الذي لايساوي دية سن أو ضرس امسوس التي حددها الشرع بخمس من الإبل ' فهذاالانسان كرمه الله ' وأنزل قانونا سماويا رفع من قيمته ' فكيف نخالف حكم الله ونقدر قيمته بمبالغ لاتساوي قيمة سن من أسنانه أو إصبع من أصابعه '
خامسا : قانون تأمين السيارات وما أدريك ماالتأمين 'حيث التلاعب بحقوق الناس وأموالهم ودمائهم ' حيث يتم التلاعب بها دون حسيب أو رقيب ' ولاحل إلا باللجوء إلي القضاء الذي تتراكم أمام غرفه المدنية القضايا تلو القضايا ' وغالبا لايصل إليه الاالنزر ' لأن الناس ءايسون تماما ' ولا أحد يفكر بأن يتعامل مع محام من أجل ضرر سينفق عليه أضعاف ماسيقبضه لو حكمت له المحكمة بعد عدة سنوات وتم تنفيذ الحكم لصالحه ' فهذه الشركات تتلاعب بحقوق الناس بشكل فاضح لايقره شرع سماوي ولاقانون أرضي ' والقضاء عاجز عن إيقافها عند حدها وغالبا ملفاتها تبقي مركدة إلي أن يرث الله الارض ومن عليها .
وأتذكر ذات مرة شيخا بدويا اعتدي شاب بسيارته خطأ علي قطيعه ' فتركه ظانا أن القطيع لم يقع فيه ضرر كبير فلما ذهب الشاب تنبه الشيخ إلي وجود الضرر ' فاتصل علي الدرك فأوقفوا الشاب ' فقال بعض الحاضرين الدرك سيقومون بكونستال ثم سيحيلون الامر إلي صرانص ' ولازم تأخذ محامي وتذهب إلي المحكمة ' فقال كيف أنا لا أعرف إلا نعاجي أو قيمتهم ولن أذهب إلي أي محام.
فهذه المسألة من أكل أ موال الناس بالباطل ' ولابد من سن قانون أو نظام شرعي يتلاءم مع واقعنا ' فالنظام المستجلب لايتفق مع بيئتنا .
سادسا :لم يبوب القانون علي أهمية وتقديم علاج المريض علي واجب المحافظة على مسرح الجريمة الذي نصت عليه المادة 48 من قانون الإجراءات الجنائية
ففهم منه الأطباء ترك معالجة جراح مرضي الحوادث والجرائم انتظارالأوامر الضبطيةالقضائية '
والسبب فيهاراجع إلي سوء فهم للقانون ،
فقد نصت المادة 48 من قانون الإجراءات الجنائية على ما يلي: << يمنع على كل شخص غير مؤهل قانونا أن يغير حالة المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة أو أن يزيل منه أي شيء، قبل القيام بالعمليات الأولية للبحث القضائي، وذلك تحت طائلة العقوبة بغرامة من عشرين ألفا (20000) إلى مئتي ألف (200000) أوقية، أو بحبس لا يتجاوز عشرة (10) أيام، يستثنى من ذلك إذا كان هذا التغيير أو نزع الأشياء قد دعت إليه ضرورة السلامة أو الصحة العمومية أو تقديم الإسعافات للضحايا...>>..
كماتنص المادة 57 من قانون العقوبات على عقوبة حبس من شهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 5000 إلى 200000 أوقية أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط بحق: <<...كل من يمتنع عمدا عن تقديم مساعدة إما بفعله الشخصي أو بطلب الإسعاف لشخص في حالة خطر دون أن يشكل ذلك خطرا عليه أو على الغير. وهذاالخطأ في الفهم للقانون نتجت عنه للاسف الشديد عدة وفيات وزادمن معانات بعض المرضي وتعقدت بعض الحالات المرضية ، و الاطباء والوكلاء يتحملون المسؤلية الكاملة شرعا عن هذه الأرواح 'وهذه الأمراض ،ففي حالة الوفاة يتحمل الطبيب المباشرالدية ،
فعدم تقديم يد المساعدة خطأ عظيم وهو يعتبر موجبا للضمان فالترك فعل كما قال صاحب المراقي:
فكفنابالنهي مطلوب النبي
والترك فعل في صحيح المذهب
له فروع ذكرت في المنهج *** وسردها من بعد ذا البيت يجي
من شرب أو خيط ذكاة فضل ما *** وعمد رسم وشهادة وما
عطل ناظر وذو الرهن كذا *** مفرط في العلف فادر المأخذا.
وقال خليل :( كترك تخليص مستهلك من نفس أو مال ).
والله أعلم وصلى الله على محمد واله .
وبالله التوفيق .القاضي :سيد محمد ولدمحمدالامين
