عبد ديوف يكشف :أخطر سنة في حكمه كيف تجنّبت حربًا شاملةمع موريتانيا

خميس, 04/12/2025 - 15:38

الراصد : يكشف الرئيس السنغالي الأسبق عبد ديوف، في مذكّراته السياسية، أنّ عام 1989 لم يكن مجرد أزمة عابرة في العلاقات بين السنغال وموريتانيا، بل كان أخطر فصل في فترة حكمه، وامتحانًا حقيقيًا لقدرته على قيادة دولة تقف على حافة الحرب. ويقول إن تلك السنة «وضعت أعصابي وضميري أمام اختبار غير مسبوق»، بعدما تحولت احتكاكات بسيطة على ضفاف النهر إلى صدامات كادت تشعل المنطقة بأكملها.

● الشرارة الأولى… من دياوارا إلى سجن سيليبابي
تبدأ رواية ديوف من قرية دياوارا الحدودية، حيث أدى خلاف بين مزارعين سنغاليين ورعاة موريتانيين إلى اشتباك محدود، لكنه فتح بوابة أزمة واسعة. فقد تم اعتقال عدد من السنغاليين داخل الأراضي الموريتانية ونقلهم إلى سجن سيليبابي، وهي الخطوة التي وصفها ديوف بأنها «النقطة التي فجّرت الغضب الشعبي».

 ● انفجار الشارع… نار الانتقام بين ضفتي النهر
سرعان ما انتشرت الأخبار، واشتعلت أحداث العنف في البلدين: اعتداءات متبادلة، حرق متاجر، سقوط ضحايا، واحتقان اجتماعي غير مسبوق. ويشير ديوف إلى أن بعض وسائل الإعلام والسياسيين زادوا المشهد تعقيدًا عبر خطاب تعبوي يأجّج المشاعر بدل إطفائها.

● ضغط الفلان… مطالبات علنية بإعلان الحرب
يعترف ديوف بأن الضغط الأكبر جاءه من قيادات الفلان في شمال السنغال، وخصوصًا مناطق فوتا، حيث طالبوه صراحة بفتح مواجهة عسكرية مع موريتانيا. بعض وجهائهم ذهب بعيداً ونعته بـ«الجبن» لرفضه الرد بالقوة. لكن ديوف يؤكد أن «الحكمة كانت أهم من مخاطرة قد تُغرق البلدين في دماء لا تُحصى».

● وساطات إقليمية… ومصالح عربية تتقاطع مع الأزمة
تكشف المذكرات عن دخول وساطات عربية وإفريقية معقّدة:

  • حسني مبارك حاول التدخل، لكنه – وفق ديوف – «أخطأ تكتيكياً».
  • العراق أبلغ دكار أن موقفه سيكون منحازًا لموريتانيا لأسباب سياسية وقومية.

هذه المواقف، بحسب ديوف، أظهرت أن الأزمة تجاوزت مجرد صراع حدودي، لتصبح جزءاً من لعبة توازنات إقليمية أوسع.

● بعد ثلاثة عقود… الجرح ما زال مفتوحًا
يصف عبد ديوف أزمة 1989 بأنها «جرح عميق» في ذاكرة الشعبين، ويعترف بأن مجموعات واسعة، خاصة من الفلان، ظلّت تحمل له غضباً لأنه رفض الحرب. لكنه يصرّ على أن قراره كان «انتصارًا للعقل»، وأن الحرب – لو اشتعلت – كانت ستدمّر البلدين بلا أي مكسب سياسي أو إنساني.

بهذه المكاشفة،قدّم ديوف قراءة نادرة لأحد أكثر الملفات حساسية في تاريخ العلاقات الموريتانية السنغالية، ويعيد فتح نقاشٍ طالما بقي محجوبًا خلف الروايات الشعبية والانفعالات السياسية