الفرس الخاسر… حين يركب البعض موجة الإصلاح بالمقلوب

أحد, 19/10/2025 - 14:28

الراصد: في خضم السجال الدائر حول امتحان انتقاء مديري مدارس التكوين التقني والمهني، يبدو أن القطاع يعيش هذه الأيام على إيقاع حماسة غير مسبوقة، حماسة لا تُشبه إلا من يراهن على فرس لم يقطع بعد أول شوط من السباق، ومع ذلك، يصفق له الجمهور قبل أن ينطلق!

في مقالي الأخير، حذّرتُ – بكل نية طيبة – من مغبة الرهان على الفرس الخاسر، ليس لأنني أكره التغيير، بل لأنني أؤمن أن الإصلاح الحقيقي لا يقوم على إقصاء من صنعوا الأساس، بل على الاستفادة من خبراتهم لتشييد البناء الجديد.
لكن يبدو أن البعض قرأ المقال وكأن الريشة التي على رأسه بدأت تتحرك بفعل الرياح، فاعتقد أن الحديث موجه إليه، فانبرى مسرعًا ليدافع عن امتحان لا يزال في نظر الكثيرين تجربة تحتاج إلى مراجعة قبل أن تُرفع رايتها في ميدان العدالة والشفافية.

ولأن في كل زمن هناك من يرى نفسه حارس الحقيقة، خرج علينا أحدهم ليؤكد أن كل شيء تم في مناخ من النزاهة والموضوعية… وكأننا لا نعيش في البلد نفسه ولا نعرف الكواليس ذاتها!
بل الأدهى من ذلك أن بعض «الفقهاء الإداريين» في القطاع صاروا يُسندون القرارات إلى قاعدة فقهية غريبة تقول: الاجتهاد جائز وإن أخطأنا، فالأجر ثابت!
ومن هذا المنطلق، أصبح من الطبيعي أن يُقصى من أفنوا أعمارهم في خدمة التكوين المهني، ليُفتح الباب أمام «الجيل الواعد» الذي ما زال يتعلم الفرق بين مذكرة إدارية ومحضر اجتماع.

أما أولئك الذين أُزيحوا بلباقة دبلوماسية، فقد وجدوا أنفسهم في مواجهة مع التكنولوجيا الحديثة، حيث لم تنفعهم لا “المنصة” ولا “النظام الإلكتروني”، فالتقنيات هنا كانت أداة فرز أكثر دقة من أي لجنة!
ولولا بعض الأعذار الرسمية التي وُزعت بسخاء، لكان المشهد أشبه بمسرحية عنوانها: “من فاته الامتحان، فاته القطار”.

ورغم كل ذلك، نُبشّر أنفسنا بنتائج “جدّ مرضية” كما يُقال، لأن البرلمان – والحمد لله – يمتلك أغلبية مريحة قادرة على النهوض بالقطاع، حتى وإن كان معظمها من خريجي التعليم العام الذين ما زالوا يبحثون عن معنى الجودة في قاموس التكوين المهني.

أما أنا، فلا أملك إلا أن أبتسم وأقول:
من شعر أن المقال السابق مسّه، فليعلم أن الريشة على رأسه ليست من زينة الطاووس… بل من أثر الغبار الذي خلفه قطار التكوين المهني وهو يغادر المحطة.

كان الله في عون الجميع 

أحمدو سيد محمد الكصري
الخبير الوطني في هندسة التكوين 
والمستشار في التوجيه المهني