براءة الذئب من دم يوسف...

أربعاء, 07/05/2025 - 06:13

الراصد : في بلد اصبح الثراء فيه بتجارة المخدرات وحبوب الهلوسة وتهريب الأدوية المزورة اسرع طريق للثراء الفاحش مع الحماية المطلقة من حكم قضائي ضد تهريب المخدرات وحبوب الهلوسة وتهريب الأدوية المزورة كما عودتنا التجارب. كل شيء مباح وكل الاحتمالات واردة في براءة من هو متهم اليوم .
 لا يقبع في سجون بلدنا مهرب مخدرات ولا تاجر ادوية مزورة بل من الوارد أن  يقبع هنالك من هو قاض اليوم و متهم و معزول غدا 
 هذه هي المعادلة الحقيقية لعدالة نفوذ المال الحرام و زعماء العصابات .
لم يكن الموريتانيون يفهمون الأحداث الغريبة التي بدأت في التسعينيات 
والتي بدأت باختفاء طائرة والي انواذيبو ولد محمد الامين سنة 1992واختفاء الدركي في ميناء انواكشوط  ولد يطن في ظروف  غامضة و ظلت عصية علي الفهم من طرف الموريتانيين دون شرح او حل واضح وسط اتهامات كبيرة حولها
ولم يفهم الموريتانيون كيف لمهربين تم القبض عليهم بالجرم المشهود والدليل القاطع ان يخرجوا  خروج الأبطال الفاتحين الي أجنحة فنادق أروبا بعد طي ملفاتهم و تتويجهم  ببراءة الذئب من دم يوسف حتي بدأت ملامح عصابات المخدرات تتكشف  في  عقد التسعينيات . 
و كان أول ملف  في سنة 1997 حيث تفجر ما يعرف بقضية السيد لام والتي تورط فيها العشرات من ضباط الشرطة من بينهم ضباط سامون  ومسؤولون كبار.
وبعد  أشهر من السجن والتحقيق  أعيدوا إلى أماكن عملهم  واستمر سجن الميكانيكي لام لفترة قصيرة 
كان لام يستخدم ويسوق عينة بسيطة من المخدرات يتم تصنيعها في السنغال والمغرب، .
وانتهت المرحلة الأولى من ملف  المخدرات في البلاد  بتعايش سلمي مع عصابات التهريب حيث توصلت النخبة السياسية والأمنية المسيطرة على الحكم حينها إلى قناعة مفادها "أن المخدرات غير مستهلكة من قبل الموريتانيين وأن حركتها وتنقلاتها تدر أموالا طائلة على موريتانيا ، كما أن التصدي لها قد يدخل البلد في مواجهة مع عصابات إجرامية قوية".
وتحول  الملف من ملف  للمخدرات الي نافذة تدر أموالا هائلة على قادة ومسؤولين أمنيين كبارا، وتحول  معبر روصو ونواذيبو، الي بوابتي ثراء  كما كان هذان المعبران أكثر المعابر أمانا وانسيابية لدخول المخدرات..
كان  الانقلاب العسكري ضد الرئيس معاوية ولد الطايع وتعطل مشاريع الدولة الموريتانية وقدراتها الأمنية  الفرصة الذهبية  لتشكل أهم بارونات تجارة المخدرات في موريتانيا، و أبرز  امبراطورياتها   في منطقة أزواد :
-   امبراطورية سيدي محمد ولد هيدالة : نجل الرئيس السابق محمد خونه ولد هيدالة .
تورط ولد هيدالة في علاقة مع طياريين فرنسيين وكان له مطار خاص في صحراء نواذيبو ، قبل أن يستجلب طائرة محملة بالمخدرات إلى مطار نواذيبو .
خرج بقرار  السلطات القضائية الموريتانية والقاضي بالإفراج بحرية مؤقتة
-   شبكة عال ولد السوداني : شاب فقير ، تحول إلى ثري بفعل تجارة الأسماك والمخدرات وقد انكشف أمره عندما استولى على ودائع من المخدرات شحنها لصالح مهربين في شحنة أسماك كان قد صدرها إلى إسبانيا، وقد قرر أباطرة المخدرات التخلص منه قبل أن تنفجر الفضيحة بعد ذلك.
مجموعة والتر : وهو فرنسي ناشط في تجارة المخدرات ومطلوب للأمن في عدة بلدان، وقد كان يتعامل مع مجموعة من الموريتانيين من بينهم المدعو بارك الله ولد اكريميش ويحيى ولد المصطفى ولد اعبيد الرحمن.
وخلال هذه  هذه الفترة تم إنشاء مطارات في الصحراء الموريتانية
و ربط علاقات مع تجار المخدرات البيظان في مالي  وخصوصا شريحة العرب.
وظلت  هذه العصابات عصية علي القضاء الموريتاني ومتمكنة من 
إتلاف كل الأدلة والعينيات التي يمكن أن تعتمد ضدها طيلة 33 سنة رغم اكتشاف عشرات العمليات منها
-         اكتشاف باص محمل بالمخدرات في نواكشوط.
-   ضبط مئات الشحن الصغيرة محملة على طريقي نواكشوط ونواذيبو، فيما يشبه حالات توقيف يومية لمتهمين بتجارة المخدرات.
الكشف عن  آلات التصنيع التي وجدت بحوزة احدي  المجموعات المعتقلة ، قبل أن يخلص التحقيق المورتاني  إلى أنها آلات لتزوير العملات، لاحقا ستزور بعثة من الأمن الفرنسي موريتانيا وتقوم بمعاينة الأجهزة لتثبت أنها أجهزة لتصنيع المخدرات.
 في 2012 اعتقل  أكثر من 20 مسلحا أزواديا في منطقة لمزرب شمالي موريتانيا وهم يحرسون شحنة من المخدرات بقيمة 3 مليارات أوقية وتم عرض الشحنة عبر الإعلام الرسمي قبل أن يفرج عن المعتقلين ويتم نقلهم في باصات نقل خاصة إلى أزواد وذلك ضمن صفقة مع القبائل الأزوادية.
وهو ما وضع نظرية  ان كشف كل تلك العمليات كان نتيجة صراع داخلي بين زعماء العصابات وسرعان ما يتم تسوية الخلاف وطي الملفات و إتلاف الأدلة.
لا يبدو ملف المخدرات رغم ما كتب عنه لحد الآن واضح المعالم.
 و ستظل الصحراء الموريتانية معبرا لشحن المخدرات القادمة من أمريكا الشمالية باتجاه أروبا، كما يمكن أن تكون ميدانا لحرب دولية بين تجار المخدرات والقوى الأمنية العالمية.
وستظل  النتائج المتوصل إليها اكثر ضبابية وغموضا مدام رأس جبل الجليد غائب و سنبقي عاجزين أمام 
أصعب المعادلات التفاضلية ،والتي لم  يجد لها  العقل البشري
الحل سواء باستخدام القلم أو الحاسوب، وحتى أقوى برامج الذكاء الاصطناعي  والتي يتحول فيها القاضي الي متهم و المتهم الي بريء براءة الذئب من دم يوسف
لن يكون ملف حبوب الهلوسة والأدوية المزوارة أفضل حال من ملف طائرة محملة بالكوكايين تدخل أجواء بلد وتحط في مطار عاصمته الاقتصادية وتحط حمولتها  و يسدل الستار دون حكم 
كل ما نخشاه ان يتحول الأبطال الي مهلوسين والتجار الي أبطال فاتحين ونعود  بخفي حنين
بقلم شيخنا سيد محمد