التوازن بين مقتضيات الدين والطبيعة البشرية مناط التكليف ...

خميس, 15/12/2022 - 23:43

الراصد: الدين الفطرة السوية للبشر قبل أن تجتالهم الشياطين إنسيها وجنيها .
أوامره ونواهيه تتماهي مع الطببعة البشرية باختلافها وتنوعها تهذيبا وتقويما عند الانحراف  والخروج عن الحنفية المفطورة في النفس قبل دنس عالم الماديات  وطغيان
 النوازع الشهوانية العدوانية على نوازع الخير  التي هبطت بها الروح لتعيش سجينة في الجسم يسكنها الحنين لمقامها الأرفع حتى تنتهي المسيرة  العمرية التي جمعتها مع الجسم  تتنازعهما دواعي الخير والشر  إن طغت الأولى على  الثانيةحصل الانسجام والسكينة لأنها الفطرة والدين القويم الذي لو سلمت النفس  من مؤثرات المحيط الحاضن لما انحرفت عما جبلت عليه من استقامة فسبحان من خلق فسوى النفس البشرية  وركب فيها الغرائز والأهواء  وهيأ لها طريق التزكية والرقي لتظل على طهريتها غير منفصلة عن عالمها العلوي  مبتعدة عن الانسفال  والانحطاط لدرك البهائمية ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ).
فثنائية الخير والشر المغروزة في النفس هي مصدر التكريم والتكليف  والتسخير والابتلاء .
فبالتكريم سخرت له الأرض وما فيها وذللت له المخلوقات التي تقاسمه الحاضن البيئي.
 وألهم العقل فابتكر واخترع وعمر واستعمر الأرض تسخيرا وتسييرا لمواردها ظاهرا وباطنا  .
و على  التسخير  تقع المساءلة والابتلاء في التسيير والتصرف الحسن أو السيء ( ليبلوكم أيكم  أحسن عملا). 
ذلك التصرف موضوع المساءلة الأخروية رسم له الدين منهجا سمحا وسطا  يناسب مكونات الطبيعة البشرية  بجنوحها وجموحها وهدوئها واضطرابها يوازن بين وظيفة الإنسان الاستخلافية وما يجب أن يكون عليه بعد الانتقال لعالم الغبب و المستقر . 
وهو التوازن الذي بينت الآية معالمه ( ابتغ فيما آتيك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ).
والحديث  (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ولآخرتك كأنك تموت غدا ). ( وإذا قامت الساعة وفي  يد أحدكم فسيلة فليغرسها ) أو كما قال.
ولخص لنا سلمان الفارسي في توجيهه لأخيه أبي الدرداء  التوازن الديني والدنيوي  والتناسب مع الفطرة ومتطلبات الطبيعة البشرية في حياة المسلم ( إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك   فأعط كل ذي حق حقه ).
فكوامن النفس البشرية و طاقاتها  وعواطفها ومشاعرها ينميها ويهذبها  بما يناسبها متنفسا وتعبيرا يحفظ الخصوصية والذات :  هوية ومرجعية.
 فالدين منارة ومسبحة ومحبرة  ومناشط تنمي المهارات وتشحذ الهمم لصعود القمم .  "
 ففي ديننا فسحة " من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم .